على من يستند حُكم الإخوان؟

[?????? ?????? ???? ????] [?????? ?????? ???? ????]

على من يستند حُكم الإخوان؟

By : Wael Gamal وائل جمال

حظى الرئيس محمد مرسي بتأييد ١٣ مليون و٢٠٠ ألف مصري في جولة الانتخابات الرئاسية الثانية، بعد أن كان قد حصل على أصوات ٥ ملايين و٧٦٤ ألفاً، كان هو خيارهم الأول في الجولة الأولى. يميل البعض لتفسير توسع مؤيديه، الذي سمح له بالوصول للحكم وهو القيادي الإخواني بعد ٨٠ سنة من تأسيس الجماعة، على أسس متعددة مشروعة للغاية، على رأسها الموقف من الثورة (من يسمونهم بثوار الليمون الذين لم يكن خيارهم الأول لكنهم اعتبروا فوز أحمد شفيق هزيمة)، أو الاصطفاف وراء القوى السياسية التي تصف نفسها بأنها إسلامية في مواجهة غيرها.

وبعد ما يقرب من ٦ أشهر على إعلان فوزه رسمياً، تظل هذه التقسيمات هي السائدة في النظر لشعبية الرئيس وحكم جماعته. ويستخدم أنصاره ومعارضوه نفس التقسيمات للتدليل على مواقفهم السياسية: بتراجع قاعدة التأييد له أو بتوسعها، كما يحدث الآن باستخدام أرقام التصويت في الاستفتاء على الدستور. لكن هذا الاستغراق في السياسة بمعناها المباشر الفوقي لا يكشف الصورة كاملة في الحقيقة. ولا يمكن فهم قاعدة تأييد حكم ولا إمكانات ترسخه ولا فرصه في المستقبل بدون تحليل القوى الاجتماعية التي يستند عليها والتي يتوجه لها. المجتمع ليس شيئا واحداً. والشعب المصري، أو المصريون ككيان واحد يحاول الرئيس احتضانه وتمثيله بشكل متسق، هي كائنات خرافية لا وجود لها، لا لدينا ولا بالنسبة لأي شعب آخر على الأرض. فمن يمثل الرئيس مرسي وحكم الإخوان من هذا الشعب اجتماعياً وطبقياً؟ وماهي المصالح التي يوطدها فيحصل على المساندة من تلك الكتل الكبرى التي تشكل شعبنا؟

القوى الاجتماعية في ثورة يناير

في كتابه الهام "الديمقراطية ونظام ٢٣ يوليو"، الصادر في ديسمبر ١٩٩١ عن كتاب الهلال، يحدثنا المؤرخ الكبير المستشار طارق البشري عن مقدمات ثورة يوليو في المسألة الاجتماعية، التي كان فشل القوى السياسية الأساسية في حل وضعية الأزمة فيها وفي المسألة الوطنية، سبباً في انتصار حركة الضباط الأحرار. كانت هناك معضلات النمو الاقتصادي وتوزيع الدخل، التي كشف عنها "أن حجم الإضرابات الاقتصادية والنقابية الذي حدث من سنة ١٩٤٧ إلى ١٩٥٢ لم تكن مصر قد عرفته من قبل"، وأن الهيمنة على المقدرات الاقتصادية في مصر لكبار ملاك الأراضي المصريين والمصالح الأجنبية المالية والتجارية، بينما يسيطر ٠.٥٪ من الملاك على ثلث الأراضي. وبجانب عناصر الغضب الاجتماعي للاستغلال وعدم المساواة جعل ذلك علاقات الإنتاج في الريف معوقة للتطور الزراعي والصناعي، من ناحية امداد المدينة بالغذاء اللازم للعمال ومن ناحية أخرى القدرة الشرائية المنحطة للسوق الواسع في الريف.

يصف لنا المستشار البشري كيف تشابكت أنواع من النشاط السياسي والاجتماعي "لتشييد اللبنات الأولى لنظام ٢٣ يوليو"، "وفي دعم السلطة الجديدة وتثبيت أركانها". ويستعرض المؤرخ والقاضي كيف أنه بعد ١٢ يوماً فقط، صدر قانون تطهير الإدارة الحكومية، وبعد أقل من شهر ونصف صدر قانون الإصلاح الزراعي ومعه قانون حل الأحزاب وسلسلة قوانين تجيز فصل موظفي الدولة محصناً قرارات الفصل. ومع قرارات التطهير والتحصين وحل الأحزاب، صدرت قرارات ترفع رواتب الموظفين وتعطيهم ضمانات في أوضاعهم الوظيفية، بالإضافة لمراقبة الأسعار وتسعيرة جبرية على السلع الضرورية وتخفيض إيجارات المساكن. وهكذا لعب توسيع قاعدة التأييد الاجتماعي استجابة للمعضلات، التي شكلت الأزمة الثورية بالأساس دوراً في تثبيت سيطرة الحكام الجدد، حتى وإن جافت الديمقراطية (وهذا مما لا محل لمناقشته هنا وإن كان المستشار البشري يصدر حكما كاشفاً يعيش معنا لثورة يناير: الحزب السياسي من الناحية التنظيمية هو جنين تنظيم الدولة التي سيبنيها بعد توليه السلطة).

أما ثورة يناير فجاءت من رحم أزمة يتعانق فيها الاجتماعي مع الوطني. خنقت الخيارات الاقتصادية والفساد والانحيازات الاجتماعية لقطاع ضيق من رجال الأعمال فيها فرص التنمية وضيقت العيش على الأغلبية، بتنويعاتها ما بين عمال وفلاحين ومهنيي الطبقة الوسطى وخلقت، إلى جانب هؤلاء، ملايين من المهمشين والعاطلين. وتضافر الاقتصاد مع سياسة اقليمية منبطحة لتصيغ عهود التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية كأهم داعم لديكتاتورية مبارك. وهكذا أينعت المقاومة لسياسات النظام في المسألتين في أرض واحدة وسقتها مياه واحدة فانتقلت الحركة الشعبية المقاومة من منصة مقاومة غزو العراق للتضامن مع الانتفاضة لقضايا الديمقراطية والحريات للأجور والحقوق العمالية، في تداخل أصيل مهد لثورة يناير.

وللحقيقة، فإن البرنامج الذي قدمه الرئيس مرسي كمرشح رئاسي، كان الأقل طموحاً فيما يتعلق بتغيير أسس ومنطلقات السياسة الاقتصادية، بقيامه على تفسير الفشل الاقتصادي والاجتماعي بالفساد عوضاً عن الفشل الهيكلي لسياسات فتح الأسواق وتسييد الاستثمار الخاص والأجنبي منه والنمو للتصدير. ولم يكن حسم الجولة الثانية من الانتخابات لصالحه، بأي حال من الأحوال، قائماً على تفاصيل هذا البرنامج الذي تغير شعاره الأساسي ليعول على الوحدة في مواجهة ممثل نظام مبارك.

لكن ٦ أشهر من حكم مرسي تكشف الكثير عن الكتل الاجتماعية التي تحرك في اتجاهها. وللحقيقة، فإن الرئيس المنتخب لم يبدأ في ممارسة سلطاته الفعلية إلا بعد إزاحة المجلس العسكري في أغسطس. بالنسبة للكتلة الأولى المتمثلة في العمال وهي كتلة بالملايين، ما زال المطلب الأساسي بتحديد حد أدنى للأجر مؤجلا. وبينما كان الطموح في بداية عهد الثورة هو مده بالتفاوض والاقناع للقطاع الخاص، فإن تعميمه على الحكومة والقطاع العام مازال أمراً غير مؤكد، وتظهر تصريحات حكومية بين الحين والآخر تؤكد أن خطط د. سمير رضوان في رفعه إلى ١٢٠٠ جنيه تدريجيا ليست على جدول الأعمال بسبب "عجز الموازنة". على الناحية الأخرى، فإن الميل هو لتحجيم التنظيمات العمالية المستقلة لحساب الاتحاد النقابي الأصفر الموروث من مبارك، وتوعد الرئيس في خطابه أمام الاتحادية من يعطلون عجلة الإنتاج من المضربين، بينما ركز قانون حماية الثورة على تجريمهم. وهكذا تستمر الكتلة العمالية النشطة قوة لم يتمكن حكم الإخوان من استيعابها، ناهيك عن كسب مساندتها وتأييدها.

أما الفلاحون، فقد بادر الرئيس وبسرعة في عيد الفلاح بإعلان اسقاط ديونهم التي تقل عن ١٠آلاف جنيه. و حذر مرسي من "بعض الكلام غير الصحيح أن المتعثر فقط هو من سنسقط ديونه، نحن لا نعاقب المُجّد وجميع بواقي الديون التي أقل من ١٠ آلاف جنيه سيتم اسقاطها، وأرجو أن البنك –يقصد بنك الائتمان الزراعي- ومندوبيه ينفذوا ذلك كاملاً وأنا أحذر من أي تلاعب في الكلام أُسقطت ونبحث الآن من عليه ديون أكثر من ١٠ آلاف". ومن وقتها ثار جدل كبير حول تنفيذ هذه الخطوة. فبينما تنكر اتحادات فلاحية أنه تم اسقاط أي ديون، يتحدث بنك التنمية والائتمان الزراعي عن المتعثرين فقط. أما الأكيد فهو أن اسقاط الديون على أهميته ليس هو القضية الوحيدة لفلاحي مصر، الذين عانوا وعانت أسرهم ومستويات معيشتهم من سياسات تحرير الزراعة لحساب السوق العالمي، وهي سياسات مستمرة للآن وتكشف نفسها في فشل الفلاحين في بيع محصول القطن حتى الآن على سبيل المثال. وتجيء خطط حكومة قنديل لفرض ضرائب على الأسمدة لتضرب هذه الكتلة في مطلب أساسي لها، وهو فك احتكارات إنتاج وتجارة الأسمدة التي ترفع كلفة الإنتاج على الفلاحين وعلى الزراعة المصرية. إذن لا شيء مهم بالنسبة للكتلة الفلاحية.

أما مهنيو الطبقة الوسطى الكلاسيكية من مدرسين وأطباء ومحامين، فما زالت هذه الكتلة تتحرك بأدوات الطبقة العاملة. وواجه حكم الإخوان أطول إضراب للأطباء في تاريخ مصر، بعد أن نكصت الحكومة حتى عن التعهد بتنفيذ وعود الرئيس الانتخابية بزيادة ميزانية الصحة إلى ١٢٪ من الانفاق العام، ورفضت حتى الاستجابة لمطالب المضربين بإعادة هيكلة ما ينفق حاليا بشكل غير كفء دون زيادة البند. أما زيادة كادر المدرسين، فهو أيضاً لم يحظ بإجماع ورضاء كل المدرسين.

وتعطينا الخطوات التي اتخذها حكم الرئيس مرسي للآن بزيادة المعاشات للقوات المسلحة والشرطة تصوراً ملموسا عن أولوياته في الحشد الاجتماعي، ناهيك عن رجال الأعمال، الذين توقفت حكومته عن الدفع بأي ضرائب أو توجهات تتعارض مع مصالحهم حتى وإن كان عليها إجماع وطني. بل وأصر رئيس الوزراء في أول حوار له، بعد تكليفه من مرسي مع وكالة بلومبرج على التعهد بحماية المستفيدين من اتفاق الكويز مع إسرائيل، قائلاً إنهم "دائرة واسعة سيضمن ازدهارها"، ثم على تقديم حزمة سياسات اقتصادية بالاتفاق مع صندوق النقد (في انعكاس لنفس السياسات التي خلقت الأزمة الثورية على تداخلها الاجتماعي-الوطني) هي امتداد مباشر لخطط التقشف المالي التي كان يرتبها يوسف بطرس غالي .

****

هذه قاعدة تأييد اجتماعي لا تحل المعضلات التي خلقت الأزمة الثورية التي توجت بسقوط نظام مبارك في يناير ٢٠١١، ولا تكفل حكماً مستقراً، دوافع التوتر فيه ليست الفلول ولا الاستقطاب المسمى ديني-مدني، وإنما توجه السياسات الاقتصادية والانحيازات الاجتماعية بدلالاتها الوطنية تجاه الأمريكيين والإسرائيليين. وهي سياسات تجعل الاستبداد على طريقة ضباط يوليو أمرا مستحيلاً، إذ يفتقر حتى لحد أدنى من التأييد الاجتماعي يمكنه من مواجهة كتل اجتماعية شعبية واسعة (يزيد تنظيمها وتعبيرها عن نفسها بصفتها كذلك يوماً بعد يوم) لن تقبل استبداداً، ولن تسمح بانطباق مقولة المستشار البشري، بأن الحزب السياسي من الناحية التنظيمية هو جنين تنظيم الدولة التي سيبنيها بعد توليه السلطة. إذ لا مجال لأن تنتظم السياسة المصرية الآن بالطريقة التي تنتظم بها جماعة الإخوان.

[عن جريدة "الشروق" المصرية]


 

Firing Ibrahim Eissa From Al-Dostour Exposes The Reality Of The Wafd's New President

وأخيرا خلع السيد البدوي برقع الحياء بفصله إبراهيم عيسى وطاقمه من الدستور

 

وحدث ما كنا نتخوف منه ونتوجس حدوثه. فقد أقال بالفعل مجلس إدارة صحيفة الدستور إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير الجريدة أمس، ووقع القرار كلامن رئيس مجلس إدارة الجريدة د. السيد البدوي (رجل الأعمال المعروف ورئيس حزب الوفد الذي يتم تلميعه منذ شهور) والرئيس التنفيذي لمجلس الإدارة رضا إدوارد (وهو وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد أيضا). وواجه صحفيو الدستور ذلك القرار على الفور باعتصام مفتوح بمقر الجريدة (بعد ساعات من صدور القرار)، وهو ما يعني دخول الجريدة في أزمة طاحنة لمدة لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها. ثم تلى ذلك فصل كل أعضاء سكرتارية التحرير: شادي عيسي ومحمد فوزي، مساعدا رئيس التحرير، وعبدالمنعم محمود سكرتير عام التحرير. وهذا يعني أن ما تعرضت له الجريدة لا يقل عن مجزرة واسعة لاستئصال مراكز ثقل سياسة التحرير القديمة.

لا أظن أن هذا القرار فاجأ أحد، فمنذ أن أشترى السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، ومعه مجموعة من رجال الأعمال الوفديين الجريدة من مالكها السابق ونحن نتوجس إزاحة إبراهيم عيسى عن الساحة ليهدئوا بذلك من وتيرة معارضة النظام ومحاربة التوريث التي كانت تنتهجها الدستور تحت قيادته. لكن ما فاجأني أنا شخصيا هو تنفيذهم لمخططهم بهذه السرعة، فكنت أتوقع أن يكونوا أكثر حصافة من ذلك. لكن يبدو أن السيد البدوي لا يبالي بأية حصافة فقرر خلع برقع الحياء بكل بساطة وبسرعة البرق. لماذا لم ينتظر بضعة أشهر قبل أن ينفذ مخططه، وهو ما كان سيكفل له الوقت اللازم للتغطية على أغراضه الحقيقية؟ هل وصلت له تعليمات أمنية بضرورة الاسراع في تنفيذ المخطط؟ هل يريد أن يغلق فم الدستور قبل الانتخابات التي ستشهد تزويرا واسعا للوفد؟ أم أن تحالفاته الجديدة لا تتحمل الحصافة أصلا (فمن المعروف عن رجال الأعمال أنهم يرهقون أنفسهم في تحقيق شيء غير ممكن)؟ 

للأسف ما قيل على صفحات الانترنت من أن سبب فصل إبراهيم عيسى هو اعتراض البدوي علي نشر مقال ما أو وجود خلافات بينه وبين إبراهيم عيسى بشأن المرتبات هو تفسير غير مقنع على الاطلاق، وضار جدا أيضا. فلا يمكن إقالة شخص بوزن إبراهيم عيسى من صحيفة كصحيفة الدستور (تدور كلها حول شخص إبراهيم عيسى) بهذه السهولة على خلفية خلافات عادية كهذه. وعلى الرغم من سخافة هذه تفسيرات نراها للأسف تقنع الكثيرين من أصحاب النوايا الحسنة. الثابت هنا هو أن البدوي يبيت النية لهذا القرار منذ اللحظة الأولى...تشير كل الدلائل إلى أنه أخذ قرار إسكات إبراهيم عيسى مع سبق الإصرار والترصد، وكلنا كنا نتوقع أن يفعل ذلك. بل كان ذلك هو السبب الرئيسي والوحيد لشرائه الجريدة. لنترفع إذن عن التحليلات السخيفة التي لا تفعل أي شيء سوى تبرير القرار بالبحث عن أسباب <<معقوله>> و<<محترمة>> له، ولنبدأ جميعا من الاعتراف بأن البدوي فصل إبراهيم عيسى وطاقمه للتقليل من حدة الجريدة في معارضة النظام...كجزء من مخطط متعدد الخطط والأطراف يهدف لتهدئة الاحتقان في البلد وتسهيل عملية انتقال السلطة بشكل عام (برلمان، رئاسة، إلخ).

الهدف الرئيسي من وراء شراء رجال الوفد الصحيفة هو إغلاق أحد أهم أبواق المعارضة المستقلة في الدعاية ضد النظام وتوريث الحكم، ولهذا السبب يجري تلميع حزب الوفد وقياداته منذ فترة الآن. وذلك إنما يكشف أن السيد البدوي وحزبه لا يختلفان عن جمال مبارك وحزبه.

لكن يبقى السؤال: ماذا ستفعل المعارضة المستقلة تجاه ذلك؟ هل ستسكت على ما يفعله البدوي وحزبه بعد أن أثبتوا أنهم جزء لا يتجزأ من حملة تجفيف أقلام المعارضة المستقلة؟ هل ستظل تتعامل مع حزب الوفد على أنه من المعارضة، وتتعامل مع رئيسه على أنه معارض لامع؟ وهل ستستطيع المعارضة المستقلة فتح مساحات إعلامية وتثقيفية مستقلة في المستقبل؟ أين ستنشر أخبارها وآرائها؟

في كل الأحوال يشير قرار فصل إبراهيم عيسى بهذا الشكل الفج أننا على أعتاب فترة حرجة جدا ستضيق فيها المساحات المفتوحة أمام المعارضة المستقلة (وهي قليلة بالفعل) بشكل خانق وغير مسبوق، وأن التنكيل بالمعارضة المستقلة سيأتي من النظام وبعض مؤسسات المعارضة على حد سواء. إذا نجحوا في ذلك لا سمح الله ستختلف ساحة صنع الرأي العام في البلد بشكل مخيف. إقالة إبراهيم عيسى حدث مخيف ومؤسف جدا، وفيه تهديد مباشر لنا كلنا، ويجب أن نتعامل معه على انه كذلك. ولن يكون الأخير بكل تأكيد، بل هو بداية حملة للتقليل من المساحات القليلة المفتوحة أمام المعارضة، وملاحقة كتابها، صحفي صحفي. وتشمل هذه الحملة توسعة مساحة المعارضة المنضبطة، ولذلك تنوي الحكومة السماح لثلاث صحف جديدة بنشر إصدارا يوميا، وهم: <<الكرنك>>، جريدة هشام قاسم الجديدة (كان قاسم من أهم مؤسسي المصري اليوم)، و<<اليوم السابع>> ولها موقع إنترنت معروف وتنشر جريدة اسبوعية بالفعل، و<<الفجر>> جريدة عادل حمودة الأسبوعية. وهذا يعني أن المرحلة القادمة ستشهد مضاعفة مساحة الصحافة <<المستقلة>> اسما والتضييق على الصحافة المستقلة فعلا.

لا أعلم إلى أين سينتهي إضراب الدستور، وما إذا كان سيفشل أم ينجح في الوصول إلى حل وسط ما. لكن حتى لو نجح في الوصول إلى حل وسط ستظل الخسارة كبيرة لأن هذا سيعني ان طاقم الجريدة سيعمل تحت التهديد المستمر. كما لا أفهم سر شماتة البعض في إبراهيم عيسى والدستور بسبب اختلافهم معه، فعدم تقدير فداحة هذا الحدث هو قمة الغباء السياسي. وأقول لهؤلاء: أنتم اللاحقون أيها البلهاء.